دعوني أحدثكم عن حالي ما بعد الأربعين ( تأملات، ومراجعات، وفلسفة )
أرجو أن تتجاهلوا الهفوات اللغوية والنحوية فهذه مساحة للفضفضة ولياقتي في الكتابة قد وهنت بعد طول انقطاع. هل تذكرون تطبيق (ClubHouse)، ذلك التطبيق العجيب الذي أعاد للجميع الرغبة في التحدث بعد طول صمت، لهذا التطبيق فضل كبير، فقد جمعني بصديق كان من أعجب الأصدقاء، أتعجب من قدرته على التعبير عن ما بداخلنا وكأنه مطّلع على أعماقنا، لم يتسنى لي الالتقاء به كثيراً لكن القليل منه كان كالغيث المنهمر في المشاعر والعبارات. هو ذلك الفيلسوف الذي تنساب من فيه العبارات كالنهر الجاري. ولعل أبرز كلماته التي جعلتني أفكر ملياً في حياتي وأعيد تقييمها بعد تعبي من تعدد المحاولات وكثرة العثرات، “الحياة في نظري هي استمرار السعي وأنا مؤمن أننا خلقنا لنسعى ولم نخلق لنصل”. كلمات ربما لا يفهمها الجميع رغم بساطتها وهي تحتاج إلى تفكٌر وطول تأمل، فجميعنا يقرأ تلك الآية من القران الكريم التي قال فيها تعالى:(وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الأَوْفَى) سورة النجم.
توقفت كثيراً عندما سمعت تلك الكلمات وبدأت في مراجعة كل شيء في حياتي، فكم من الأوقات مرّت وأنا أندب حظي وأشكو إلى ربي قلة حيلتي واسأله الخيرة في أموري لكني لم أصل إلى التفكير العميق في محطات رحلة الحياة بتأني وطول مراجعة، كنت أظن أن صبري وعدم يأسي يكفي حتى أصل إلى هدفي أو نتيجة كفاحي.
كنت أحث الخطى نحو كل شيء قد يوصلني إلى مبتغاي وأهدافي التي تحاصرني في صحوتي ومنامي، وما زلت على تلك الحال. لم أكن أفكر كثيراً في التفاصيل الدقيقة التي أَمرٌ بها أثناء إسراعي ومحاولاتي، بل كنت أركز على الهدف البعيد، كانت الرحلة شاقة وطويلة وليس فيها متعة أو سعادة، وكانت قاتمة حزينة، وآمالي معلقة بالنتيجة النهاية وإمكانية الوصول. لم أكن أعلم أن تلك التفاصيل الصغيرة هي أهم ما في الرحلة، بل إن في تأملها غاية السعادة والراحة، كيف لا يكون ذلك وأنا سأكون مأجوراً على سعيي وأنه مشهود لي، وأن جزائي سيكون من رب كل شيء، بالجزاء الأوفى الذي ليس قبله ولا بعده. كم كنت غافلاً وغير مدرك للمعنى العظيم والغاية السامية التي خلقنا جميعاً من أجلها.
كم من الأوقات ضاعت، وكم من الأيام مرت، وكم خسرت من الجهود والأموال والأصدقاء، في سبيل تحقيق أهدافي المستحيلة، ضيعت الكثير من اللحظات السعيدة جهلاً مني، ولعل في ذلك محطات يجب أن أسرد تفاصيلها للقارئ الذي ربما سيوافقني فيما أقول.