نحن في عصر السرعة لذلك يجب علينا أن نواكب هذه السرعة وإلا فإننا لن ندرك الركبان. تساؤل مهم يحضرني وقد يرد نفس التساؤل في ذهن الكثير، هل السرعة التي يمارسها البعض تتم بطريقة صحية وصحيحة. وهل البيئة المحيطة من إمكانيات وسياسات وأنظمة متوائمة مع هذا التسارع. ولعل مناقشة هذه التساؤلات تجعلنا نتشعب ونخوض في مواضيع معقدة ومتداخلة، لكن دعنا في هذه السطور أن نتحدث بتركيز عن الأزمات التي يعايشها كل من يعمل في فلك الحملات الإعلامية والتسويقية.
لعلنا نشهد تزايداً فاق كل توقعاتنا في حجم الحملات التي تطرحها المؤسسات الرسمية منها والخاصة. تزامن ذلك مع التطورات في عملية توظيف القادة الشباب في مهام قيادية كبرى. هذا بدوره زاد عملية الطلب على الحملات، والسبب يكمن في إيمان العقول الشابة بأهمية الحملات الإعلامية والتسويقية لإبراز المنجزات على نطاق واسع وعريض يصل إلى العالم أجمع على عكس المعتاد في السابق.
كل ذلك أحدث احتياجاً غير مسبوقاً إلى شركات ومؤسسات تساعد في إدارة وتنفيذ هذه الأعداد الضخمة من الحملات والتي لا يستطيع القيام بها الإدارات الإعلامية أو التسويقية الداخلية في القطاعات. ومن هنا تشكلت أزمة في إيجاد الشركات المناسبة والموثوقة بعد مرحلة تخبط شهدناها جميعاً في عدم وجود آلية واضحة ولا سياسة يمكن الإعتماد عليها لضمان العمل بشكل صحيح.
كما أن ندرة هذه الشركات جاء نتيجة أن السوق مستجد والحاجة برزت مع التسارع التقني في وسائل التواصل والإنترنت. فإن ذلك أيضاً سبب بدوره أزمات أخرى في إيجاد الممارسين وكتاب وصناع المحتوى المحترفين في جميع التخصصات. وهذا الأمر يتطلب مجهوداً ضخماً واستثماراً استراتيجياً يحتاج إلى وقت طويل حتى يصل إلى الإحترافية والنضج.
لكن الضغط المبالغ به ما زال يحدث من قبل القادة الذين يريدون التعجيل في تنفيذ هذه الحملات بأسرع ما يمكن، غير مبالين في الصعوبة التي يوجهها كل من يعمل في المجال. والحجة وراء هذه الضغوطات، أن هذه الجهات تحصل على أموال طائلة ويجب عليهم التعجيل وإيجاد الحلول السريعة. لذلك فإن الجميع يعاني في مجال الحملات من أعلى الهرم إلى أسفله، من الإدارات العليا إلى كتاب المحتوى.